وعندما يتحدث الغرب بصراحة أكثر يقول: ''إن أخطر منطقة تواجهه هي منطقة الشرق الأوسط، وإن أخطر منافس لمستقبله هو الصحوة الإسلامية، وهنا نأتي على بعض الشواهد التي نجتاز منها إلى إرهاصات الأزمة الحالية''
فعن موضوع نظرة الشرق والغرب إلى المنطقة بعد سقوط "يالطا" وعقد قمة "مالطا" كتب أحد المحللين في جريدة الحياة بتاريخ الاثنين 9/3/1990م فكان مما قال:
''الانتقال من يالطا إلى مالطا بدأ يكون متجمعاً دولياً، أخذ يوماً بعد يوم يستكمل ملامحه الجديدة... ولكن من خلال الابتهاج بالاتجاه إلى نزع التسلح والأمل بعدم اللجوء إلى النزاع المسلح، هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب، ومن هذه الأسئلة مثلاً: ما هي وظيفة الجيوش في المستقبل؟ وما هي الأخطار التي يتوقعها الشرق والغرب؟''.
وللإجابة على الأسئلة نقل الكاتب إجابة رئيس الأركان الفرنسي لإحدى المجلات: ''والسؤال هو: "سيدي الجنرال: تقولون بأن الأوضاع تتطور بسرعة جنونية فهل يُحتمل أن يكتشف الغرب والشرق خلال العشرين عاماً القادمة أعداء آخرين من خارج أنفسهم؟''
وهذا هو جواب الجنرال: عندما افتتح المسيو -شيفارنادزه- وزير خارجية الاتحاد السوفييتي ندوة فيينا في مارس 1989م قال ما نصه: ''يجب علينا من خلال مناقشاتنا أن ننظر بعين الحذر إلى أمر واقع، وهو أنه في جنوبي أوروبا وفي الجنوب الغربي من آسيا توجد قدرات عسكرية يمكن أن تصبح أعظم من قدراتنا اهـ''
''إنني - المتكلم هو الجنرال الفرنسي- أشاركه وجهة نظره هذه، إن ابتهاج الشرق والغرب بالاتجاه نحو نزع التسلح لا يجب أن يجعلنا نتغاضى عن الأخطار في وقت من الأوقات أن تأتي من تلك المناطق، إن الأوضاع الراهنة في إيران، العراق، سوريا، الأردن، إسرائيل، مصر، ليبيا، لا توحي بالاطمئنان، وبكل أسف فإن الأخطار تبدو الآن وكأنها جديرة بالإهمال لا يؤبه لها، ولكننا في الشرق والغرب قدمنا لهذه الدول السلاح والتكنولوجيا والتقنيين مما جعلهم يتعلمون النتائج بأنفسهم.
إنني أعتقد بأن هذه البلاد ستشكل عنصر عدم الاستقرار، إنها جميعاً تتمتع بالقدرة على التوسع الديمغرافي (زيادة عدد السكان) وتعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، والديانة تجنح إلى التطرف، كل ذلك يضاف إلى قدرات عسكرية بالغة الخطورة ولا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الأخطار''
وفي عدد آخر بتاريخ 21/12/1410هـ يقول كاتب آخر، هو مدير المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل بـالقاهرة عن تحديات أوروبا:
''يتزايد القلق في أوروبا الغربية وجنوب أوروبا بشكل خاص وفرنسا تحديداً من تطور يطلقون عليه المد الإسلامي، وتطور آخر يسمونه التغيير الديمغرافي والتطوران حادثان في شمال أفريقيا''
وهنا نذكر بأن هذا الكلام قيل خلال الحديث الغربي عن تصنيع عسكري قامت به مصر والعراق بمساعدة الأرجنتين، وأفاد من الفخر الأحمق الذي كان صدام يعلنه، والاستعراضات العسكرية، والإعلان عن قدرات عسكرية مبالغ فيها مع التهديدات الكاذبة بحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج، وصاحبه أيضاً الحملة على مصنع الدواء في ليبيا، فالسلاح الكيماوي هو بديل المستضعفين عن السلاح النووي، وفي الوقت نفسه حدثت تطورات أخرى أشار إليها هؤلاء، وستؤكدها النقول الآتية، وهي بعض فرص النجاح التي حظيت بها الصحوة الإسلامية المعاصرة، ومن أبرزها:
1- ظهور حركة الجهاد أو التمرد الفلسطينية التي قلبت المعايير والخطط رأساً على عقب.
2- تحقيق انتصارات عسكرية في أفغانستان، وظهور حركات جهادية مماثلة في إرتيريا وكشمير وغيرها.
3- فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، وتمكن الجبهة القومية في السودان، وحصول الإسلاميين على نسبة من المقاعد في الأردن، وظهور مؤشرات مهمة في بلدان أخرى، والغرب يحسب حساباته على المدى البعيد جداً.